يحفل النصّ الروائيّ العربيّ اليوم بقدرٍ هائلٍ من الاهتمام القرائيّ والنقديّ على المستويات كافة، وربّما ما يصدر من روايات في دور النشر العربيّة كلّ عام قد يصل إلى المئات أو يزيد، وأسهمت الشهرة التي يحظى بها كُتّابُ الرواية عاملاً مشجّعاً كبيراً على الإقبال على كتابة الراوية حتى من غير القصاصين والروائيين، فضلاً على الجوائز السنويّة المخصّصة للرواية بوصفها دافعاً عظيماً للكتابة والمشاركة وحلم الفوز، حتى إنّ الطموح بلغ أوجه لدى الكثيرين لولوج عالم الكتابة الروائية طمعاً في الشهرة والجائزة والانتشار، وصارت الرواية الحلقة الإبداعيّة الأهمّ في مشهد الثقافة العربيّة الراهن على الأصعدة كافّة، وهو ما يجعل منها وسيلة ثقافيّة يمكن أن تعيد إلى القارِئ العربيّ الغائب (أو الميّت) حياة جديدة
يأتي كتابنا الموسوم بـ ((سيمياءُ التّشكيلِ الروائيّ: الجماليّ والثقافيّ في نُظُم الصوغ السرديّ)) إسهامة إجرائيّة عميقة في الكشف عن قيمة هذا الجنس الأدبيّ الغزير، إذ بعد أن بلغت الرواية هذا الشأو الكبير من التطوّر يمكننا النظر إليها بوصفها جنساً أدبيّا سرديّاً مستقلّاً، وليس نوعاً أدبيّاً ملحقاً بعالم القصّة كما تصنّف ذلك المدوّنات السرديّة النظريّة التقليديّة، بما ينطوي عليه هذا الجنس من قواعد وقوانين وتقانات وآليّات عمل متطوّرة على نحو لم يبلغه أيّ جنس أدبيّ آخر محايث له، فالنصّ الروائيّ العربيّ قطع أشواطاً هائلة ولاسيّما في العقدين الأخيرين بما يقابل كلّ ما حصل له منذ نشأته تقريباً، وكشفت الجوائز الأدبيّة عن طاقات خلّاقة جديدة أنهتْ الولاءَ التقليديّ للمتون الكبرى في السرد الروائيّ العربيّ الحديث، وأصبحنا ننتظر يومياً ميلاد روائيّ عربيّ يُفاجِئ مجتمع القراءة بأسلوب جديد ورؤية جديدة وتشكيل جديد، واندفع كتّاب الرواية المكرّسون والجدد نحو العمل الجادّ والدؤوب من أجل إنتاج رواية مغايرة تكسب الرهان
Reviews
There are no reviews yet.