أنا بين كبيرين

هذا الرّجل الّذي فقد أغلى ما ارتبطت به حياته، يئنّ في صمت يتدثّر من قساوة البرد بأوراق جدّته، كأنها الشّفيع الّذي ينقذه من شبح الفقد
يجري وراء الأسد بحثا عن بوب ولا يجده، فلالّة رقيّة تروي وهو يتخيّل ثمّ يكوّن صورًا مسترسلة لفيلم لا يجب أن ينتهي، تراوغه بالبحث لينام، لا يريد، لأنّ النّوم استسلام وخضوع لأسد الأطلس، ولأنّ النّوم ضعف أمام إيجاد حلّ لعذاب لالّة رقيّة ومعاناتها، من خلال عدم قدرة الطيب زوجها على إشباع رغبتها في الانتقام لبوب، لهذا يكره رامز النّوم، ولهذا لا يستطيع إلاّ إذا تمكّنت منه غفوة الصّباح، يداوم تحليل العقد لينسى عقدته الأصليّة جاكلين الّتي توفّيت إثر حادثة سير بعد أن لم تنتبه في مفترق الطّرق لشاحنة اصطدمت بها فأردتها قتيلة دقائق قليلة بعد أن أمسك بيديها رامز بالمشفى وهو يصرخ “لا تتركيني” هكذا ذكر لي في اللّيلة الأولى تلك، إلاّ أنّي ما بين اليقظة والنّوم كنت غير مركّز وحسبته حكى عن شخصيّة من شخصيّات جدّته الكثيرة، لكنّي لم أستطع التّركيز على مفهوم موت جاكلين، كنت أظنّها ستشهد ميلاد دواوينه وشهرته، وكنت أظنّها في مكان ما، فأنتظر أن أصل إلى نقطة الخلاف بينهما لأتدخّل أنا، لذلك كنت دائم السؤال عن مكانها، لم يعد باليد شيء لأخدم به رامز، لأنّني لا أستطيع أن أرجع من لا يمكن إرجاعه، لن أستطيع هدم السّور الذي يفصل بين هنا وهناك